يحكى أن حمامة كانت تبني عشها فوق نخلة باسقة،وكان يصيبها لأجل ذلك تعب شديد ومشقة كبيرة بسبب طول النخلة وسحقها,ثم تبيض وتفرخ ،فإذا فعلت جاءها ثعلب ماكر خداع فتهددها وتوعدها وكان قد تعهد منها ذلك منذ زمن بعيد .
- أيتها الحمامة ألجوع يقطع أوصالي وقد علمت أنك أفرخت،هلا أسرعت ؟
- ماذا تعني؟
- أأنت بليدة؟ارمي الفراخ قبل أن ينفذ صبري.
كانت الحمامة المسكينة تبكي وتنتحب ثم تستعطفه عسى ينصرف عنها،لكنه يصر على طلبه وهو يحاول تسلق النخلة،فما كان منها من حل غير الإلقاء بالفراخ مرغمة،فيتلقفها وينصرف إلى حال سبيله وقد أشبع معدته.
ومرت الأيام والأشهر والسنون ،والحال هي الحال ، تهديد ووعيد ينتهي بوجبة فراخ الحمام.
وفي يوم من الأيام زار الطائر مالك الحزين صديقته
الحمامة فوجدها في حال يرثى لها،فقال:
- أيتها الحمامة ماهذا الحزن الذي يخيم بظلاله عليك؟
- يامالك الحزين لقد دهاني ثعلب ،كلما أفرخت تهددني
وتوعدني بأن يرقى إلينا إذا لم أرمي له الفراخ.
- وماكنت تصنعين؟
- وما أصنع يامالك؟أرمي له الفراخ و أنجو بنفسي.
- أنت بلهاء حمقاء،كيف تصنعين بأكبادك هذا الصنيع؟إن جاءك
هذه المرة قولي له :لن أرمي لك فلذات كبدي ،وإن استطعت أن تصعد إلينا فافعل.واعلمي
أنه لن يستطيع.وإن رأيته قادرا فطيري .وأقسم لك بأغلظ الايمان أنه لن يقدر.
شكرت الحمامة لمالك صنيعه ثم افترقا.
وجاء اليوم الموعود ،أفرخت الحمامة ،وجاءها الثعلب
كعادته،فتهدد وتوعد وأرعد وأزبد،لكن الحمامة لم تلقي لتهديده بال فقالت بكل ثقة:
- لن أرمي لك صغاري،وإن كانت لك القدرة للصعود إلى هذه
النخلة الساحقة فافعل،و أظنك بل على يقين أنك لن تفعل.
شده الثعلب لقولها وأصابته الصدمة من ردة فعلها،فقال:
- من علمك هذا؟لا لا أظن أن هدا من بنات أفكارك.
- لقد تعلمت من صديقي مالك الحزين.
- جميل وأين هو الان.
- إنه بجانب النهر.
أسرع الثعلب إلى
شط النهر ليجد مالكا هناك،فخاطبه:
- يامالك كيف تحمي نفسك من البرد إذا جاءك من ناحية
الشمال؟
- أرفع جناحي من جهة اليمين.
- وإن جاءك من ناحية اليمين.
- أرفعه من جهة الشمال.
- ياسبحان الله لقد فضلكن الله عنا معشر الطير بكثير من
المزايا ،لكن أجنحة للتحليق والحماية من البرد ،وتعرفون في يوم مانعرفه نحن في شهر
.لكن بقي شيء واحد حيرني يامالك.
- قل ستجد جوابه عندي.
- أعلم،لكن إذا جاءتك الريح من كل ناحية ،يمينا وشمالا
،كيف تحمي نفسك؟
- هذا سهل جدا.
- لا يامالك إن الأمر مستحيل,
- بلى.أستطيع إدخال رأسي بن أجنحتي ،وأحمي نفسي.
- لا أعتقد أن الأمر يتهيأ لك.
- بلى.
- أنا لا أصدقك حتى أري بأم عيني.
أدخل مالك رأسه
بين جناحيه ،فلم يعد يرى شيئا،فانقض الثعلب عليه وهو يقول:
- ياعدو نفسه ترى الرأي للحمامة فتخلصها من محنتها
،ولاتراه لنفسك فتقع في مكيدتي فتهلك.
ثم دق عنقه وأكله.
العبرة:لاتجتهد في حل مشاكل الناس وتعجز عن حل مشاكلك.
تعليقات
إرسال تعليق